أمطار غزيرة تبعث الحياة في سدود العراق

أمطار غزيرة تبعث الحياة في سدود العراق

أعادت الأمطار الغزيرة التي هطلت على العراق مؤخراً الحياة إلى سدوده التي سجلت ارتفاعا في مستويات المياه لم تشهده منذ عام 2019، كما أكد مسؤولون في بلد أنهكته 4 سنوات من الجفاف.

وسط التضاريس المتعرجة بين الجبال والمنخفضات الصخرية في شمال شرق العراق، ينتصب سد دربندخان بهياكله الضخمة ومياهه الهادرة التي يرفده بها نهر سيروان وقد امتلأ حوضه الهائل عن آخره تقريباً، ولم تعد صفحة المياه تبعد سوى أمتار قليلة لتحاذي الطريق الممتد بجواره وفقا لوكالة فرانس برس.

وقال مدير السد الواقع في جنوب محافظة السليمانية ثاني أكبر محافظات إقليم كردستان، سامان إسماعيل إن "السعة الخزنية للسد تبلغ 3 مليارات متر مكعب، والخزين الموجود في السد اليوم ينقصه 25 سنتيمتراً فقط لنقول إنه ممتلئ".

توقع إسماعيل أن يمتلئ الحوض "خلال الأيام المقبلة"، مستذكرا أن المرة الأخيرة التي امتلأ فيها سد دربندخان بالكامل كانت في عام 2019، بعدها "كانت كلها سنوات جفاف شحيحة"، مشيراً إلى "تأثيرات مناخية في المنطقة، وبناء سدود أخرى خارج حدود الإقليم"، إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي.

توجه بغداد انتقادات متكررة إلى دول الجوار، تركيا وإيران، لأنهما تبنيان سدوداً على منابع الأنهر التي تغذي العراق، الأمر الذي أدى إلى خفض كبير في تدفق المياه إليه.

وشكل هطول الأمطار خلال الفترة الماضية انفراجة نسبية للعراق الذي يعد من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً ببعض انعكاسات التغير المناخي في العالم.

وفي بلد غني بالنفط لكن يعاني من بنى تحتية متهالكة، أدت الأمطار الغزيرة إلى حدوث فيضانات وتشكل سيول خصوصا في شوارع مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، كما دمرت العديد من المنازل في محافظة ديالى، وسط العراق.

"الماء نعمة" 

أعلنت وزارة الموارد المائية في بيان الأحد أن "تساقط الأمطار" نتجت عنه "سيول في المناطق الشمالية والشرقية وتم استثمارها في تعزيز الخزين المائي لسدود الموصل ودوكان ودربندخان وحمرين والعظيم".

كما أكدت الوزارة "إن السيول الأخيرة القادمة من المنطقة الشرقية تم الاستفادة منها في زيادة الواردات المائية إلى الأهوار" في جنوب البلاد.

وقال مدير عام هيئة السدود والخزانات في الوزارة علي راضي ثامر إن مستوى المياه ارتفع في أحواض أغلب سدود العراق الرئيسية الستة.

وأضاف أن "الخزن وصل إلى مستوى جيد" في سد الموصل، أكبر سدود العراق بسعة تبلغ 11 مليار متر مكعب.

وذكَّر بان في السنين الماضية كان هناك "فراغ خزني كبير جداً في السدود بشكل عام ووصل الخزن إلى أدنى مستويات سُجلت تاريخياً" وفق إحصائيات الوزارة.

واعتبر ثامر أن "الخزين الذي تحقق اليوم سينعكس إيجابا على كل القطاعات سواء القطاع  الزراعي، وهو تقريبا المستهلك الأكبر، وتأمين المياه الخام لمحطات الإسالة (المعالجة) لإنتاج مياه الشرب" وعلى الأهوار.

وقال إن "الإيرادات المائية كانت جيدة في عام 2019 ونسبة الخزين المائي ارتفعت بشكل كبير" قبل أن تليها "4 مواسم شحيحة".

وتمثل مسألة المياه تحديا كبيرا للعراق الذي يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة ويواجه أزمة بيئية قاسية خصوصا خلال موسم الصيف حين تلامس درجات الحرارة 50 درجة مئوية.

بهذا الخصوص، يحذر مدير عام السدود والخزانات قائلاً "صحيح اليوم هناك أمطار وهناك سيول وتحسين للخزين المائي بشكل نسبي، لكن هذا لا يعني انتهاء الشحة"، لافتاً الانتباه إلى أن "السنين المائية متغيرة، قد تكون رطبة أو معتدلة أو جافة أو شحيحة".

قضية التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات والملوثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

اتفاق تاريخي

وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.

وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية